أنا و كتاب الموتى
بقلم : السعيد عبد العاطي مبارك الفايد – مصر ٠
” لم أرتكب خطيئة.
لم أسرق
لم أقتل رجلاً أو امرأة
لم أكذب
لم أرتكب الزنا
لم أمنع الماء عن الناس
لم أتحدث بغضب
لم ألوث نفسي.
( من : اعتراف الإنكار )
٠٠٠٠٠٠٠
عزيزي القارىء الكريم ٠٠
في البداية الحديث عن الحياة المصرية القديمة – الفرعونية – ذو شجون فقد حزت تلك الحضارة العظيمة أهم مراحل في حياة الإنسان المصري القديم ٠٠
و من خلال بعض الكتب التي تأثرت بها من خلال اقتنائها و قرائها مثل موسوعة مصر القديمة لسليم حسن و مصر و بعض فصول من الدراسات و قد كتبت عنها عدة مقالات من قبل ٠
و لكن ( كتاب الموتى ) توقفت أمامه مليا في معرض الكتاب منذ سنوات و أنا طالب بالجامعة و قد تحصلت عليه في معاهد الصبا و كان ضمن مكتبتي ارجع إليه كل فترة أعايش حالة النصوص في الزمن و المكان و مدى عبقرية الإنسان المصري القديم متذ فجر ضمير تاريخ الإنسانية و عبر توالي العصور هكذا ٠٠
* مع كتاب الموتى :
فهذا كتاب الموتى يؤرخ و يوثق عهد الكتابة و النقوش و التحنيط ٠٠ الخ ٠
و من ثم نجده ذلك الكتاب الذي وُضع في نعش أو حجرة دفن المتوفى، جزءًا من تقليد النصوص الجنائزية الذي يتضمن نصوص الأهرام ونصوص التوابيت السابقة، والتي كانت تُرسم على الأشياء، وليست مكتوبة على ورق البردي.
تم استخلاص بعض التعاويذ المضمنة في الكتاب من هذه الأعمال القديمة ويعود تاريخها إلى الألفية الثالثة قبل الميلاد.
و من ثم نتأمل طريقة محاكمة المتوفى على ما قدمت يداه في الحياة الدنيا من خير أو شر أمام محكمة العدل الإلهية التي يرأسها الإلهة أوزير (أوزوريس) أمام الموتى فى قاعة الحق
والمحكمة التى ستحاكم روح كاتب القرابين (آنى) ويرأسها الإله أوزير رب العالم الآخر وأعضاء المحكمة ٤٢ قاضياً يمثلون أقاليم مصر القديمة وكل متوفى يطلق عليه أوزير فلان أي المرحوم فلان) وينصب الميزان فى قاعة المحكمة فى إحدى كفتيه ريشة ماعت (إلهة العدل) وفى الأخرى قلب المتوفى والمعنى الرمزى هنا أن يكون القلب خفيف الوزن مثل الريشة ولم تثقله الخطايا، وهناك رمز آخر هو أن القلب والريشة متساويان
ويقف المرحوم (آنى) أمام القضاة مرتلا:
“يا قلب أمى لا تقف ضدى شاهدا. لا تفترى علىَّ كذبا أمام الإله” ٠
وفى الختام يقول الإله تحوت مسجل نتيجة الميزان:
“إن أفعاله وجدت صالحة فى الميزان العظيم. الأوزيرآنى لم يرتكب إثما ولم يصنع شراً.
إن عم موت (الوحش الذى يلتهم قلوب الأموات الذين ارتكبوا الآثام) لن يكون له سلطة عليه” ٠
وكان المصريون يعرفون تماماً أن عددا قليلاً جداً منهم سوف يمثل أمام القاضي الأعظم دون أن تكون له ذنوب فكان ينبغي لهم إذن الحصول من الآلهة على الصفح عن السيئات وأن يتطهروا وكان الرجاء من الالهة شائعاً وكثيراً وما يدل على ذلك ما نجده في الصلوات الجنائزية: “لقد انمحت خطاياي وطرحت ذنوبي جانباً ، أنك تلقه بخطاياك لدى نن نسوت ، تطهرك الساحرة الكبرى.. عليك أن تعترف بخطيئتك التي سوف تمحى ، لعمل أشياء مقابل كل ما تكون قد قلته”.
و في نهاية هذه السطور و مع خاتمة المطاف نتمنى أن نكون قد قدمنا صفحات من فصول حياة مصر القديمة الحافلة بالمشاهد و المواقف التي مازالت موثقة تعكس ملامحنا الأصيلة من زويا ورؤيا لها دلالات في وجه الحضارة و التراث و الثقافة الإنسانية دائما ٠
و على الله قصد السبيل ٠
أنا و كتاب الموتى